الصفحة الرئيسية
>
شجرة التصنيفات
كتاب: نصب الراية لأحاديث الهداية **
- أما حديث جابر: فأخرجه الترمذي [عند الترمذي "باب ما جاء في نكاح العبد بغير إذن سيده" ص 143 - ج 1، وفي "المستدرك - باب إذا تزوج العبد بغير إذن سيده ص 194 - ج 2] عن ابن جريج عن عبد اللّه بن محمد بن عقيل عن جابر بن عبد اللّه، قال: قال رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ: "أيُّما عبد تزوج بغير إذن مواليه فهو عاهر"، انتهى. وقال: حديث حسن صحيح، ورواه الحاكم في "المستدرك"، وقال: حديث صحيح الإِسناد، ولم يخرجاه، انتهى. وأخرجه الترمذي أيضًا عن زهير بن محمد عن ابن عقيل عن جابر به، وقال: حديث حسن، انتهى. هكذا وجدته في عدة نسخ، وشيخنا أبو الحجاج المزي لم ينقل عنه في "أطرافه" إلا التحسين فقط، تابعًا لابن عساكر في "أطرافه"، وكذلك المنذري في "مختصره" مقلدًا "للأطراف"، كما هو عادته، فاعلم ذلك، قال الترمذي: وقد روي هذا الحديث عن عبد اللّه بن محمد بن عقيل عن ابن عمر، ولا يصح، إنما هو من رواية عبد اللّه عن جابر، انتهى. - وأما حديث ابن عمر [عند أبي داود "باب نكاح العبد بغير إذن مواليه" ص 284 - ج 1، وعند ابن ماجه "باب تزويج العبد بغير إذن سيده" ص 142.]: فله طريقان: أحدهما: عند أبي داود عن عبد اللّه بن عمر عن نافع عن ابن عمر عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال: "إذا نكح العبد بغير إذن مولاه فنكاحه باطل"، انتهى. قال أبو داود: هذا حديث ضعيف، وهو موقوف من قول ابن عمر، انتهى. - الطريق الآخر: رواه ابن ماجه في "سننه" حدثنا أزهر بن مروان عن عبد الوارث بن سعيد عن القاسم بن عبد الواحد عن عبد اللّه بن محمد بن عقيل عن ابن عمر مرفوعًا: إذا تزوج العبد بغير إذن سيده كان عاهرًا، انتهى. وهذه الطريق التي أشار إليها الترمذي في "كتابه"، وقال الترمذي في "عللّه الكبرى": سألت محمد بن إسماعيل عن عبد اللّه بن محمد بن عقيل، فقال: رأيت أحمد بن حنبل، وإسحاق بن راهويه، والحميدي يحتجون بحديثه، وهو مقارب الحديث، انتهى. وقال الدارقطني في "عللّه": هذا حديث رواه ابن جريج عن موسى بن عقبة، واختلف عن ابن جريج، فرواه مندل بن علي، ويحيى بن سعيد الأموي عن ابن جريج عن موسى بن عقبة [قال ابن قدامة في "المغني" ص 410 - ج 7: وروى الخلال عن موسى بن عقبة عن نافع عن ابن عمر مرفوعًا، الحديث] عن نافع عن ابن عمر عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، ووهما في رفعه، والصواب ما رواه أيوب عن نافع عن ابن عمر موقوفًا، ورواه أبو عاصم، وحجاج، وعبد الرزاق عن ابن جريج به موقوفًا، وهو الصواب، انتهى. وروى عبد الرزاق في "مصنفه" أخبرنا معمر عن أيوب عن نافع عن ابن عمر أنه أخذ عبدًا له تزوج بغير إذنه، ففرق بينهما، وأبطل صداقه، وضربه حدًا، انتهى. - الحديث الثاني: قال عليه السلام: لبريرة، حين عتقت: - ملكت بعضك فاختاري، قلت: أخرجه الدارقطني [عند الدارقطني: ص 412، وابن سعد في "الطبقات" ص 189 - ج 8، في "ترجمة بريرة" مولاة عائشة.] عن عائشة أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال لبريرة: اذهبي، فقد عتق معك بضعك، انتهى. وروى ابن سعد في "الطبقات" أخبرنا عبد الوهاب بن عطاء عن داود بن أبي هند عن عامر الشعبي أن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، قال لبريرة لما أعتقت: قد عتق بضعك معك، فاختاري، انتهى. وهذا مرسل، وروى البخاري، ومسلم [عند البخاري في مواضع منها: في ص 763 - ج 2، وص 795 - ج 2، وعند مسلم في "العتق - باب أن الولاء لمن أعتق" ص 494 - ج 1، وعند أبي داود في "باب المملوكة تعتق وهي تحت حر وعبد" ص 303، وص 403 - ج 1، والترمذي في "باب الرضاع - باب ما جاء في الأمة تعتق ولها زوج" ص 149 - ج 1، والنسائي في "باب خيار الأمة" ص 105 - ج 2 ] عن القاسم عن عائشة، قالت: كان في بريرة ثلاث سنن: أراد أهلها أن يبيعوها ويشترطوا ولاءها، فذكرت ذلك لرسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فقال: اشتريها وأعتقيها، فإن الولاء لمن أعتق، وعتقت، فخيرها رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ من زوجها، فاختارت نفسها، وكان الناس يتصدقون عليها، وتهدى لنا، فذكرت ذلك للنبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، فقال: هو عليها صدقة، ولنا هدية، انتهى. رواه البخاري في "النكاح - والطلاق"، ومسلم في "العتق"، ورواه الباقون كذلك في "الطلاق" - خلا الترمذي - فإنه أخرجه في "الرضاع" عن الأسود عن عائشة، واختلفت الروايات في زوج بريرة، هل كان حرًا أو عبدًا حين خيرت؟ فإن أصحابنا لا يفرقون بين الحر والعبد في ثبوت الخيار لها، والشافعي يقول: لها الخيار في العبد، دون الحر، واللّه أعلم. - الأحاديث في أنه كان حرًا: روى الجماعة - إلا مسلمًا - من حديث إبراهيم عن الأسود عن عائشة، قالت: يا رسول اللّه إني اشتريت بريرة لأعتقها، وإن أهلها يشترطون ولاءها، فقال: أعتقيها، فإنما الولاء لمن أعتق، قال: فاشترتها فأعتقتها، قالت: وخيرت، فاختارت نفسها، وقالت: لو أعطيت كذا وكذا ما كنت معه، قال الأسود: وكان زوجها حرًا، انتهى بلفظ البخاري [عند البخاري في "الفرائض، باب الولاء لمن أعتق، وباب ميراث السائبة" ص 999 - ج 2، وعند ابن ماجه "باب خيار الأمة إذا أعتقت" ص 151]. ثم قال: وقول الأسود منقطع، وقول ابن عباس: رأيته عبدًا أصح، انتهى. هكذا أخرجه في "كتاب الفرائض" عن منصور عن إبراهيم به، وأخرجه أيضًا عن الحكم بن عتيبة عن إبراهيم به، وفي آخره: قال الحكم: وكان زوجها حرًا، قال البخاري: وقول الحكم مرسل، انتهى. ولفظ أبي داود: إن زوج بريرة كان حرًا حين أعتقت، وأنها خيرت، فقالت: ما أحب أن أكون معه، وإن لي كذا وكذا، انتهى. أخرجه في "الطلاق" عن منصور عن إبراهيم به، ولفظ الترمذي: قالت: كان زوج بريرة حرًا، فخيرها رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، انتهى. أخرجه في "الرضاع" عن الأعمش عن إبراهيم به، وكذلك أخرجه ابن ماجه في "الطلاق" أنها أعتقت بريرة، فخيرها رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وكان لها زوج حر، انتهى. وأخرجه النسائي أيضًا في "الطلاق" عن الحكم بن عتيبة عن إبراهيم به، ورواه في "كتاب الكنى" من حديث أبي معشر عن إبراهيم النخعي عن علقمة، والأسود أنهما سألا عائشة عن زوج بريرة، فقالت: كان حرًا يوم أعتقت، انتهى. - طريق آخر: أخرجه مسلم [عند مسلم في "العتاق" ص 494 - ج 1.] عن شعبة عن عبد الرحمن بن القاسم سمعت القاسم يحدث عن عائشة أنها أرادت أن تشتري بريرة للعتق، فاشترطوا ولاءها، فذكرت ذلك لرسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ فقال: اشتريها وأعتقيها، فإن الولاء لمن أعتق، وأهدي لرسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ لحم، فقيل له: هذا تصدق به على بريرة، فقال: هو لها صدقة، ولنا هدية، وخيرت، قال عبد الرحمن: وكان زوجها حرًا، قال شعبة: ثم سألته عن زوجها، فقال: لا أدري، انتهى. وفي البخاري في "الهبة" [عند البخاري في "الهبة - باب قبول الهدية" ص 350.]، فقال عبد الرحمن: زوجها حر، قال شعبة: ثم سألته عن زوجها، فقال: لا أدري، أحر أم عبد؟، مختصر [قال البيهقي: ص 220 - ج 7: وقد رواه سماك بن حرب عن عبد الرحمن بن القاسم، فأثبت عنه كون زوجها عبدًا، قال صاحب "الجوهر النقي": قلت: شعبة إمام جليل حافظ، وقد روي عن عبد الرحمن أنه كان حرًا، فلا يضره نسيان عبد الرحمن وتوقفه، وقد ذكر البيهقي في "كتاب المعرفة - في باب لا نكاح إلا بولي" أن مذهب أهل العلم بالحديث وجوب قبول خبر الصادق، وإن نسي من أخبره عنه، وكيف يعارض شعبة بسماك مع كونه متكلمًا فيه، فضعفه الثوري، وابن أبي خيثمة، وأحمد، وعبد الرحمن بن يوسف، وابن المبارك، وشعبة، انتهى مختصرًا. وقال ابن الهمام في "الفتح" ص 495 - ج 2: ومنشأ الخلاف الاختلاف في ترجيح إحدى الروايتين المتعارضتين في زوج بريرة، أكان حين أعتقت حرًا أو عبدًا، وفي ترجيح المعنى المعلل به، أما الأول فثبت في "الصحيحين" من حديث عائشة رضي اللّه عنها أن النبي صلى اللّه عليه وسلم خيرها، وكان زوجها عبدًا، ولم تختلف الروايات عن ابن عباس، أنه كان عبدًا، وثبت في "الصحيحين" أنه كان حرًا حين أعتقت، وهكذا روي في "السنن الأربعة" وقال الترمذي: حديث حسن صحيح، والترجيح يقتضي في رواية عائشة ترجيح أنه كان حرًا، وذلك أن رواة هذا الحديث عن عائشة ثلاثة: الأسود، وعروة، والقاسم، فأما الأسود فلم يختلف فيه عن عائشة أنه كان حرًا، وأما عروة فعنه روايتان صحيحتان: إحداهما: أنه كان حرًا، والأخرى أنه كان عبدًا، وأما عبد الرحمن بن القاسم فعنه أيضًا روايتان صحيحتان: إحداهما: أنه كان حرًا، والأخرى الشك، انتهى. وروى عبد الرزاق عن سعيد ابن المسيب أنه كان حرًا، كما في "الجوهر"]. - أحاديث في أنه كان عبدًا: أخرج الجماعة - إلا مسلمًا - عن عكرمة عن ابن عباس أن زوج بريرة كان عبدًا أسود يقال له: مغيث، كأني أنظر إليه يطوف خلفها، يبكي ودموعه تسيل على لحيته، فقال النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ للعباس: يا عباس، ألا تعجب من شدة حب مغيث بريرة، ومن شدة بغض بريرة مغيثًا؟ فقال لها عليه السلام: لو راجعتيه؟ قالت: يا رسول اللّه أتأمرني به؟ فقال عليه السلام: إنما أنا شافع، قالت: لا حاجة لي فيه، انتهى. أخرجه البخاري في "الخلع [عند البخاري في "الخلع - باب شفاعة النبي صلى اللّه عليه وسلم في زوج بريرة" ص 295 - ج 2، وعند الترمذي في "الرضاع - باب ما جاء في الأمة تعتق ولها زوج" ص 149 - ج 1، وعند أبي داود "باب المملوكة تعتق وهي تحت حر وعبد" ص 303 - ج 1، وعن ابن ماجه "باب خيار الأمة إذا أعتقت" ص 151 - ج 1، وعند النسائي في "القضاء - باب شفاعة الحاكم للخصوم قبل الحكم" ص 310 - ج 2] وأخرجه الترمذي في "الرضاع" عن أيوب، وقتادة عن عكرمة به، وأخرجه أبو داود في "الطلاق" عن قتادة به، وأخرجه ابن ماجه في "الطلاق" عن خالد الحذاء عن عكرمة به، وأخرجه النسائي في "القضاء" عن خالد الحذاء به، وزاد فيه الدارقطني: وأمرها أن تعتدّ عدة الحرة، هكذا عزاه عبد الحق في "أحكامه" للدارقطني، ولم أجده [قلت: أخرج الدارقطني هذه الزيادة: ص 414 من حديث ابن عباس، وفي "حواشي الدارقطني" وهذه الزيادة لم تقع في حديث عائشة في "الصحيحين" لكن أخرج ابن ماجه عن منصور عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: أمرت بريرة أن تعتد بثلاث حيض، وهذا مثل حديث ابن عباس، لكن الحديث الذي أخرجه ابن ماجه على شرط الشيخين، بل هو في أعلى درجات الصحة، انتهى.]، فليراجع، لكنه في ابن ماجه من حديث عائشة، وأمرها أن تعتد بثلاث حيَض. - حديث آخر: أخرجه مسلم، وأبو داود عن هشام بن عروة عن عروة عن عائشة، محيلًا على ما قبله في قصة بريرة، وزاد: قال: وكان زوجها عبدًا، فخيرها رسول اللّه ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ فاختارت نفسها، ولو كان حرًا لم يخيرها، انتهى. وهذا الأخير من كلام عروة قطعًا، لوجهين: أحدهما: أن قال: فاعله مذكور، الثاني: أن النسائي [عند النسائي "باب خيار الأمة تعتق وزوجها مملوك" ص 106 - ج 2، وزيادة: إن قربك فلا خيار لك، عند أبي داود "باب حتى متى يكون لها الخيار" ص 304 - ج 1، قال صاحب "الجوهر النقي" ص 220 - ج 6: قلت: ذكر ابن حزم أنه روي عن عروة خلاف هذا، فأخرج من طريق قاسم بن أصبغ ثنا أحمد بن يزيد ثنا موسى ابن معاوية ثنا جرير عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، قالت: كان زوج بريرة حرًا، قال: [ولو كان حرًا لم يخيره] يحتمل أنه من كلام من دون عائشة، وقال الطحاوي: ويحتمل أن يكون من كلام عروة، وقد أخرج ابن حبان هذا الحديث في "صحيحه" فقال: أنا عبيد اللّه بن محمد الأزدي ثنا إسحاق الحنظلي ثنا جرير بن عبد الحميد عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة، وفي آخره قال عروة: ولو كان حرًا ما خيرها رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم، وكذلك أخرجه النسائي في "سننه" عن الحنظلي" انتهى] رواه مصرحًا به، ولفظه: قال عروة: ولو كان حرًا ما خيرها، وكذلك رواه ابن حبان في "صحيحه" في النوع التاسع، من القسم الخامس، بلفظ النسائي، وأخرجه أبو داود أيضًا بهذا الإِسناد، وزاد في آخره، وقال لها عليه السلام: إن قربك فلا خيار لك، انتهى. - طريق آخر: أخرجه مسلم، وأبو داود، والنسائي [عند مسلم "باب بيان أن الولاء لمن أعتق" ص 494 - ج 1، وعند أبي داود: ص 304 - ج 1، وعند النسائي "باب خيار الأمة تعتق وزوجها مملوك" ص 106 - ج 2.] عن سماك عن عبد الرحمن بن القاسم عن أبيه عن عائشة أن بريرة خيرها النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ، وكان زوجها عبدًا، انتهى. - حديث آخر: أخرجه البيهقي [حديث صفية، عند البيهقي في "السنن" ص 223 - ج 7، لكن عند ابن سعد: ص 191 - ج 8 في حديثها أن زوج بريرة كان حرًا، انتهى] عن نافع عن صفية بنت أبي عبيد أن زوج بريرة كان عبدًا، وقال: إسناده صحيح، قال الطحاوي [راجع "شرح الآثار - للطحاوي - باب خيار العتق" ص 49 - ج 2، وقال صاحب "الجوهر النقي": وإذا اختلفت الآثار في زوجها وجب حملها على وجه لا تضاد فيه، والحرية تعقب الرق، ولا ينعكس، فثبت أنه كان حرًا عند ما خيرت عبدًا قبله، ومن أخبر بعبوديته لم يعلم بحريته قبل ذلك، وقال ابن حزم ما ملخصه: إنه لا خلاف أن من شهد بالحرية يقدم على من شهد بالرق، لأن عنده زيادة علم، ثم لو لم يختلف أنه كان عبدًا، هل جاء في شيء من الأخبار أنه عليه الصلاة السلام إنما خيرها لأنها تحت عبد؟ هذا لا يجدونه أبدًا، فلا فرق بين من يدعي أنه خيرها، لأنه كان عبدًا، وبين من يدعي أنه خيرها لأنه كان أسود، فكل من ملكت نفسها تختار، سواء كانت تحت حر أو عبد، وإلى هذا ذهب ابن سيرين، وطاوس، والشعبي، ذكر ذلك عبد الرزاق بأسانيد صحيحة، وأخرجه ابن أبي شيبة عن النخعي، ومجاهد، وحكاه الخطابي عن حماد، والثوري، وأصحاب الرأي، وفي "التهذيب للطبري" وبه قال مكحول، وفي الاستذكار أنه قول ابن المسيب أيضًا، انتهى ملخصًا]، وإذا اختلفت الآثار وجب التوفيق فيها، فنقول: إنا وجدنا الحرية تعقب الرق، ولا ينعكس، فيحمل على أنه كان حرًا عند ما خيرت، عبدًا قبله، ولو ثبت أنه عبد، فلا ينفي الخيار لها تحت الحر، إذ لم يجئ عن النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ أنه إنما خيرها، لكونه عبدًا، قال: ومن جهة النظر أيضًا، فقد رأينا الأمة في حال رقها لمولاها، أن يعقد النكاح عليها للحر والعبد، ورأيناها بعد ما يعتق ليس له أن يستأنف عليها عقد نكاح، لا لحر ولا لعبد، فاستوى حكم ما إلى المولى في العبيد، والأحرار، وما ليس إليه فيهما، ورأيناها إذا أعتقت بعد عقد المولى عليها نكاح العبد، يكون لها الخيار، فجعلناه كذلك في جانب الحر قياسًا ونظرًا، ثم أسند عن طاوس أنه قال: للأمة الخيار إذا أعتقت، وإن كانت تحت قرشي، وفي لفظ: قال لها: الخيار في الحر والعبد، قال: وأخبرني الحسن بن مسلم مثل ذلك، انتهى كلامه. قلت: أخرجه ابن أبي شيبة في "مصنفه" عن طاوس كذلك باللفظين المذكورين، وأخرج عن ابن سيرين [وهكذا ذكره ابن قدامة في "المغني" ص 591 - ج 7 ]، قال: تخيَّر، حرًا كان زوجها أو عبدًا، وأخرج نحوه عن الشعبي، وأخرج عن مجاهد، قال: تخير، ولو كانت تحت أمير المؤمنين، انتهى. *4* باب نكاح أهل الشرك - قوله: وإذا تزوج الكافر بغير شهود، أو في عدة كافر، وذلك في دينهم جائز، ثم أسلما أقرا عليه، قلت: في صحة أنكحة الكفار أحاديث، قال البيهقي في "المعرفة" [ومثله قال في "السنن" ص 190 - ج 7 في "باب نكاح أهل الشرك وطلاقهم".]: استدل الشافعي على صحة أنكحة المشركين بحديث اليهوديين اللذين رجمهما النبي ـ صلى اللّه عليه وسلم ـ على الزنا، قال: لأن الناكح لو لم يحلها له لما جرى الإِحصان عليهما، انتهى. وحديث اليهوديين صحيح ثابت، أخرجه البخاري ومسلم [عند البخاري في مواضع: منها في "الحدود - باب أحكام أهل الذمة" ص 1011 - ج 2، وعند مسلم في "الحدود" ص 69 - ج 2] من حديث ابن عمر، وسيأتي في "الحدود".
|